الحفاظ على إيجابيتك في محيط سلبي؟

15

" كيف لي أن أكون إيجابيا و الوضع الوبائي الذي عمّ العالم غيّر حياتنا كليّا، نشهد كل يوم فقدان أحبابنا، أو بتنا ننام و الخوف يتملكنا من فقدانهم. أحلام و أهداف خططنا لها و غيرت مجراها رياح هذا الوضع. حتى تذمر و تعليقات الأشخاص حولنا باتت تألمنا أكثر من أي وقت مضى. فكيف لي أن أكون إيجابيا؟ "

إنه لمن الصعب جدا أن نحافظ على إيجابيتنا في مثل هذا الوضع، بل يبدو مستحيلا أن نتحلى بتفكير إيجابي حتى. أنا متأكدة أن الأمر صعب جداً ، عليك أو علي و على الجميع كذلك. كنتَ تخطط و تطمح ووضعتَ أهدافا، كنتَ متحمسا لتقدّم أفضل ما لديك لكن شائت الأقدار أن يتغير كلّ شيء. إنه لأمر صعب و مؤسف حقاً، لهذا أردت إيصال رسالة لك يا صديقي من 
خلال خذا المقال فلربّما أساعدك على رفع معنوياتك ولو بكلمة بسيطة. 


كيف نواجه أيامنا الصعبة؟ 

كيف نتخطى هذه العقبات و خيبات الأمل يا ترى؟ و كيف نستعيد الأمل بعد كلّ هذه العقبات؟

حسنا، قد يكون الأمر صعبا لكنه ليس مستحيلاً. عليك أن تتعلّم كيف تحوّل تلك الطاقة السلبية لصالحك، إنني أكرّر المصطلح مرة ثانية " تتعلّم". يجب أن تتعلم نعم، هذا الأمر لا يحدث فجأة يا صديقي، هذا لا يحدث بمجرد تكرار كلمة " أنا شخص إيجابي" لا نحن لا نتحدث عن مصباح علاء الدين هنا. هذا يتطلّب جهدا و عملا و صبراً كبيرا. سأقدم لك بعض الخطوات التي تساعدك على إعادت النظر في بعض الأمور.

1.      عِش ألمك: لا يمكنك تخطي أي ألم بالتستر عليه؛ فرضا كان عندي مرض و دواءه يتطلّب مني إجراء عملية عاجلة، لكنني أفضل أن أخفي الأمر ولا أخبر أحدا و لا أقوم بالعملية حتى لا يظهر للناس مرضي، هل سأشفى من ألمي بعد هذا القرار؟ ما رأيك أنت؟ في الغالب سيكتشفون مرضي قبل دفني تحت التراب بساعات قليلة، ألم أقتل نفسي بسبب تصرّف طفولي غير مسؤول؟ بلا قتلتها. كذلك الوجع الذي تعاني منه يا صديقي، مهما كان نوعه، إن أخفيته لن تجد حلاّ له أبدا و إنما ستزيده سوءا يوما بعد يوم. إسمح لنفسك بتقبل ذلك الألم، ثم واجهه، توجّه لجهة مختصة تساعدك على إيجاد الحلّ و الدواء، قم بإعطاء نفسك فترة نقاهة ثم عُد بقوة أكبر.

2. كن مُهيّئا للصدمات: عند التخطيط لأي شيء في حياتك، توقع أكبر الصدمات التي قد تواجهك، هيئ نفسك لأسوء الأمور التي قد تحدث، فكّر فيها و فكّر في حلول لها. بهذه الطريقة، مهما كانت قوة الصدمة؛ قد تألمك لكنّها لن توقِعكَ أرضا، ستكون جاهزا و لن يُأديك الوضع كثيرا لأنك حضرت الحلول مسبقا. معظم الأحداث السيئة التي تحدث لنا، لم نكن نتوقعها، أو لم نفكر فيها يوما، و بعضها تكون قاسية و لا نستطيع التحكم فيها للأسف، لكن إذا طوّرت القدرة على توقع الجانب السلبي من الامور و التفكير بعقلانية و ووضع حلول تحسبا لأي طارئ قد يحدث تكون بهذا تجنبت صدمة قد تحدث لك. قد يقول البعض" أليس هذا بحد ذاته تفكيرا سلبيا؟ لم نفكر في الأمور السلبية فنجذبها؟ " لا يا صديقي، هذا ليس تفكيرا سلبيا و إنما هو تفكير عقلاني. شئنا أم أبينا، لكل شيء جانب مظلم و الآخر مشرق، فمن الأفضل أن نكون واقعيين و نحضِّر أنفسنا لكل طارئ قد يصيبنا في حياتنا.

3.  سيطر على ردود أفعالك: في الحقيقة هذا أمر صعب جدا، لكن كلّما تدرّبت عليه سيصبح ممكنا شيئا فشيئا.  السيطرة على الذات أحد أهم أسرار النجاح في الحياة المهنية أو الشخصية، لكن دعني أسألك سؤالا بسيطا، هل تسيطر على ذاتك عندما يكون تفكيرك سلبيا؟ أتوقع أن تكون إجابتك " لا". هذا أمر طبيعي جداً، لكن لا بدّ من التخلّص من هذه العادة السلبية التي لا تجلب سوى المشاعر السلبية معها، لماذا؟ مثلا، حدث معك أمر في مكان العمل لم تكن تتوقعه و تعرضت لتوبيخ من صاحب العمل و بدلا من تمالك أعصابك، كانت ردّت فعلك أكثر استفزازا مما جعل صاحب العمل يطردك حالاً و زادت حالتك سوءا بعدها؛ ألم تكن في غِنا عن كلّ هذا لو سيطرت على ذاتك و تمالكت أعصابك و كانت ردّت فعلك أكثر حِكمة؟ مهما كنت محِقا في أمر ما، إن لم تتمالك أعصابك في مواقف سلبية، سواءاً حزناً أو غضبا أو غيرها، فستنقلب دفتك و تصبح أنت الجانب المخطئ في القصة. تعامُلك الحكيم في المواقف الصعبة سيُحدّد النتائج المنعكسة على حياتك، و سيسهّل تعاملك مع الأمور القادمة مهما كانت صعوبتها.

4.      عِش مشاعرك بشكل صحي: مذا؟ هل أخطئتِ في تركيب جملتك أم ماذا؟ " أتوقع أن يكون هذا ردّكم" لا لم أخطئ، أجل عِش ألمك أو سلبيتك بشكل صحي. كيف يكون هذا؟ يكفي أن تكون واعيا لتفكيرك، بل يجب أن تكون واعيا. إسمح لنفسك بعيش الألم و هيّء نفسك للصدمات و تحكم بذاتك، لكن أهم شيء، يجب أن تتعلّم وضع حدود لكل مرحلة تعيشها. أولاً، لا تدع تلك المشاعر تستهلك كلّ طاقتك، هدفك كان التخلّص من المشاعر السلبية، فتلتفت لتجد جسمك مُنهكا و صحّتك متدهورة, لا يا أخي هذا لن يساعدك لا على التخلّص من السلبية ولا على التقدّم نحو الأمام، بل سيزيدك سوءا بعده سوء. ثانيا، لا تنسى أن أثمن ثروة في حياتنا هي الوقت. الوقت يا صديقي علاج، الوقت دواء و الوقت كنز فلماذا تهدره على كلّ هذه الدراما؟ حتى و لو كانت كلّ الظروف ضدّك، حاول إستغلال و لو جزء قليل في القيام بشيء يفيدك، و هذا في حدّ ذاته علاج لمشاعرك السلبية.

5.   أفضل علاج هو تحقيق تقدّم: هل تعلم ما هي أفضل وصفة لتخطي أي مرحلة صعبة في حياتك؟ إنها العمل، أجل إنجاز أمور و لو كانت صغيرة و بسيطة جداً ستساعدك على التخلّص من أي شعور سلبي تعاني منه. قم بإعطاء كل عمل تقوم به إهتماما خاصا، كلّ خطوة تنجزها تعني أنك تتقدّم، و لو ببطء لكنك تتقدّم. ذلك الهدف الذي تعمل عليه و حدث معك أمر لم تتوقعه و إنقلب حماسك لمشاعر سلبية كلها حزن و خيبة أمل، عُد إليه، عُد للقيام بما كنت تريده، لا تنتظر حتى تأتيك طاقة تحفّزك و تحملك و تأخدك للقيام بعملك، إن إنتظرتها؟ لأبشرك : ستنتطر كثيرا لكن الوقت لا ينتطر يا صديقي. التحفيز لا يأتي بكلمة أو إثنتان، التحفيز يبدأ من أفكارك و إيمانك، التحفيز يأتي مع كلّ خطوة تقوم بها، و التحفيز الحقيقي يأتي كلّما رأيت أنك تنجز أكثر، كلّما رأيت نتائج عملك، هذا هو التحفيز الحقيقي. إعمل و إجتهد و سترى النتائج، ثابر و ستحصد ثمار تعبك، و رويدا رويدا ستشهد تحوّل تلك المشاعر السلبية لطاقة تحفير و إيجابية. 

      

      في الختام سأطلعك على الوصفة السحرية للتخلّص من كل شيء سلبي يصادفك في الحياة. هل تعلم ما هي هذه الوصفة؟  الوصفة هي أنه لا وجود لوصفة سحرية يا صديقي، بمجرد أن تتخلّص من هذه الفكرة ستبدأ بتحقيق التقدّم. لماذا؟ لأنك تضيع وقتك في إنتظار وهم فقط. بل السرّ الوحيد للنجاح في أي شيء تريده و مهما كان هو العمل بجدّ و جهد لا أكثر و لا أقلّ. و كلّ خطوة ذكرتها في الأعلى تتطلّب العمل و المثابرة عليها، لن تتحقق ما لم تواظب و تثابر، إعمل بجدّ و لا تستسلم و النتائج التي ستحصدها هي العلاج الوحيد الذي سيشفيك و يخلّصك من السموم السلبية.


التعليقات

  1. جمييييل كالعادة يا سلمي .. أبدعتي يا جميله

    ردحذف
  2. واصلي عزيزتي ربي يوفقك

    ردحذف
  3. ماشاء الله كثير حبيت ربنا يسعدك ويوفقك يارب ❤❤❤❤

    ردحذف
  4. أبدعتي كالعادة كمية الفائدة كبيرة جدا واصلي عزيزتي سلمى 🌸🌼🦋

    ردحذف
  5. جميل ، أتمنى مزيد من النجاح

    ردحذف
  6. مبروك المدونة يا متألقة

    ردحذف
  7. That's help a lot thank u

    ردحذف

بحث هذه المدونة الإلكترونية